اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 414
لِبَشَرٍ جسمانى ظلماني دنى كثيف قد خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ اكثف واظلم منه وقد أخذت الصلصال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ لا شيء اظلم منه وابعد عن ساحة عز قبولك يا ربي وبالجملة التمثال المشتمل على هذه الظلمات المتراكمة لا يليق ان يخضع ويسجد له الروحاني النورانى
قالَ سبحانه بعد ما سمع منه الترفع والحجة المذكورة طردا له وتبعيدا حسب قهره وجلاله فَاخْرُجْ ايها اللعين المردود المطرود مِنْها اى من حيطة الملائكة وحوزتهم ولا تعد نفسك بعد اليوم من زمرتهم ومن عدادهم فَإِنَّكَ بتخلفك عن مقتضى أمرنا الوجوبي رَجِيمٌ مرجوم مبعد مطرود مردود عن كنف رحمتنا وكرامتنا
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ الطرد والتخذيل نازلة مستمرة ابدا إِلى يَوْمِ الدِّينِ واعلم ان مقرك ومنقلبك النار التي قد افتخرت بها وتكبرت بسببها المعدة لك ولمن تبعك من عصاة العباد وغواتهم أجمعين
ثم لما ايس إبليس عن القبول وقنط عن رحمة الله قالَ مشتكيا الى الله متحسرا متأسفا رَبِّ يا من رباني بأنواع النعم والكرم فكفرت نعمك بمخالفة أمرك وحكمك فَأَنْظِرْنِي وأمهلني إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ويحشرون لأضل بنى آدم وانتقم عنهم
قال سبحانه بمقتضى حكمته المتقنة فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ فيما بينهم لتكون أنت عبرة للعالمين وعظة لهم
إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ اى الى وقت لا يمكن فيه تلافى التقصير وتداركه ولا كسب الزاد للمعاد ولا تهيئة الأسباب ليوم الميعاد قيل هو وقت النفخة الاولى لحشر الأموات
قالَ إبليس مقسما مبالغا رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي وبحق قدرتك التي قد أغويتني وأضللتني بها وحططتنى عن رفعة منزلتي ومكانتى بمقتضاها وأخرجتني بها من بين أحبتي وإخوتي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ أعمالهم الفاسدة واحسنن عليهم أفعالهم القبيحة فِي الْأَرْضِ واغرينهم الى ارتكاب انواع المفاسد والمقابح والى اتصاف اصناف الجرائم والآثام المائلة إليها طباعهم ونفوسهم طبعا وَبالجملة لَأُغْوِيَنَّهُمْ ولأضلنهم أَجْمَعِينَ بحيث لا يشذ عنهم احد من ذوى النفوس الامارة
إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ المخلصين رقابهم عن ربقة رق الامارة وعن عروة العبودية لها المطمئنين المتمكنين في مقام الرضاء والتسليم
ثم قالَ سبحانه بمقتضى اشفاقه ورحمته على عباده هذا اى اخلاص المخلصين المطمئنين الراضين بما جرى عليهم من قضائي صِراطٌ عَلَيَّ وطريق مُسْتَقِيمٌ موصل الى والى وحدة ذاتى واستقلالى في عموم آثار أسمائي وصفاتي بحيث لا عوج ولا انحراف فيه أصلا. من توجه الى عن هذا الطريق قد فاز ونجا بحيث لا يعرض الضلال والانحراف أصلا وكيف يعرضه إذ هو حينئذ من خلص عبادي
إِنَّ عِبادِي الذين هم تحت قبابى لَيْسَ لَكَ ايها المضل المغوى عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ استيلاء وغلبة إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ منهم ايها المضل المغوى فيكون حينئذ مِنَ الْغاوِينَ الضالين باغوائك عن منهج الحق ومحجة اليقين وهم وان كانوا من جنسهم صورة ليسوا منهم حقيقة
ومعنى وَإِنَّ جَهَنَّمَ البعد والخذلان لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ تابعا ومتبوعا
لَها اى لجهنم سَبْعَةُ أَبْوابٍ على عدد مداخلها من الشهوات السبعة المقتضية إياها المذكورة في كريمة زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين الآية لِكُلِّ بابٍ من الأبواب السبعة الجهنمية مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ اى طائفة مفروزة وفرقة ممتازة منهم بالدخول من كل باب وان كان الكل شريكا في الكل بعد ما دخلوا.
ثم قال سبحانه على مقتضى سنته السنية في كتابه إِنَّ الْمُتَّقِينَ المخلصين المخلصين نفوسهم عن وسوسة الشياطين متمكنون فِي جَنَّاتٍ منتزهات العلم والحق وَعُيُونٍ جاريات من زلال الحقائق والمعارف المترشحة من بحر الوجود
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 414